بذلك مختارا والزوج لو تمادى على إمساكها حتى انقضت عدتها لبانت منه بخلاف انقضاء أيام الخيار، فدل أن وطأه أضعف من وطء المختار، وهو تفريق لا يسلم من الاعتراض.
فإن ادعى بعد العدة أنه راجعها في العدة بقول أو نية لم يصدق في ذلك إلا أن يعلم أنه كان يخلو في العدة أو يبيت معها فيصدق أن خلوته بها ومبيته معها إنما كان لمراجعته إياها. وكذلك إذا وطئها في العدة وقال: إنه أراد بوطئها الرجعة فيصدق في ذلك. وهذا هو معنى قولهم إن الوطء رجعة إذا أراد به الرجعة، أي أنه يصدق في إرادة الرجعة بما ظهر من الوطء.
فصل
فمن وطئ ولم يرد بوطئه الرجعة فقد وطئ وطئا حراما خلافا لأبي حنيفة؛ لأنها جارية إلى البينونة. أصلها الكتابية إذا أسلمت بعد الدخول فإن أراد مراجعتها فيما بقي من العدة راجعها بالقول والإشهاد دون الوطء؛ إذ لا يصح وطؤها إلا بعد الاستبراء من الماء الفاسد. فإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها بانت منه ولم يحل له ولا لغيره نكاحها حتى ينقضي استبراؤها من ذلك الماء الفاسد بثلاث حيض.
فصل
واختلف إن تزوجها هو ودخل بها قبل تمام الاستبراء هل يكون ناكحا في عدة وتحرم عليه أبدا أم لا؟ على قولين: فمن علل التحريم بتعجيل النكاح قبل بلوغ أجله خاصة من غير أن يضم إلى ذلك اختلاط الأنساب أوجب التحريم لوجود العلة، ومن علل التحريم بتعجيل النكاح قبل أوانه في موضع تختلط فيه الأنساب لم يوجب التحريم؛ لأن الماء ماؤه فليس فيه اختلاط الأنساب. وعلى هذا المعنى اختلفوا فيمن طلق امرأته ثلاثا فتزوجها قبل زوج في عدتها.