فصل

فإذا انفردت النية في ذلك دون القول أو ما يقوم مقامه في الوطء وما ضارعه لم تكن رجعة، قاله في كتاب ابن المواز. والصحيح أن الرجعة تصح بمجرد النية؛ لأن اللفظ إنما هو عبارة عما في النفس. فإذا نوى في نفسه أنه قد راجعها واعتقد ذلك في ضميره فقد صحت رجعته فيما بينه وبين الله تعالى، فإن أظهر لنا بلفظه ما قد أضمر من ذلك في قلبه حكمنا عليه به. ويجري على هذا الاختلاف في لزوم الطلاق بمجرد النية دون اللفظ. ولو انفرد اللفظ دون النية لما صحت له بذلك رجعة فيما بينه وبين الله تعالى، وإن حكمنا عليه بما ظهر من قوله ولم نصدقه فيما ادعاه من عدم النية إلا على مذهب من رأى أن الطلاق لا يلزم المستفتي بمجرد القول دون النية، وهو قائم من المدونة إلا أنه بعيد في المعنى.

فصل

وقد اختلف هل يجوز له الوطء إذا ألزم الرجعة على القول الذي يرى أنها لا تصح له فيما بينه وبين الله. وكذلك اختلف أيضا في جواز الوطء لمن طلق في الحيض فأبى من الارتجاع فحكم عليه بالرجعة وألزم إياها. وقد ذكرت ذلك في موضعه.

فصل

وأما الوطء دون النية فلا يكون رجعة في الباطن ولا في الحكم الظاهر. وقال الليث بن سعد: الوطء رجعة وإن لم ينو به الرجعة، يريد والله أعلم في الحكم الظاهر، ولا يصدق أنه لم يرد بذلك الرجعة، وهو الأظهر قياسا على مبتاع الأمة بالخيار أن وطأه في أيام الخيار اختيار، وإن زعم أنه لم يختر لم يصدق؛ لأنه مخير في ارتجاع زوجته في العدة كما هو مخير في اختيار الجارية التي ابتاعها بالخيار. وقد يفرق بينهما بأن المبتاع لو حبس الجارية حتى مضت أيام الخيار وتباعدت عد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015