والثاني رواية أشهب عن مالك أنه يحكم له بحكم المقتول بعد أن يتلوم له سنة من يوم يرفع أمره إلى السلطان ثم تعتد امرأته وتتزوج ويقسم ماله، وإن كان لم يتكلم في الرواية على قسم ماله فهو المعنى والله أعلم. وسواء كانت المعركة في بلاد الحرب أو في بلاد المسلمين إذا أمكن أن يؤسر فيخفى أمره، فحمله ابن القاسم في رواية عيسى عنه على أنه أسير، وحمله مالك في رواية أشهب عنه على أنه قتيل. وأما إن كانوا بموضع لا يخفى أسره إن أسر فحكمه حكم المفقود في حرب المسلمين في الفتن التي تكون بينهم، فيحتمل أن يحمل قول ابن القاسم على أن المعركة كانت بموضع يخفى فيه أسره إن أسر، وقول مالك على أنها كانت بموضع لا يخفى فيه أسره إن أسر، فلا تكون على هذا التأويل رواية عيسى مخالفة لرواية أشهب.
والقول الثالث: أنه يحكم له بحكم المفقود في جميع الأحوال، فيضرب له أجل أربعة أعوام ثم تعتد امرأته وتتزوج ولا يقسم ماله حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله، حكى هذا القول ابن المواز وعابه.
والقول الرابع: أنه يحكم له بحكم المقتول في الزوجة فتعتد بعد التلوم وتتزوج، وبحكم المفقود في ماله فلا يقسم حتى يعلم بموته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله. ذهب إلى هذا أحمد بن خالد وحكى أنه قول الأوزاعي، وتأول رواية أشهب عن مالك على ذلك، وهو بعيد.
وأما المفقود في حرب المسلمين في الفتن التي تكون بينهم ففي ذلك قولان:
أحدهما: أنه يحكم له بحكم المقتول في زوجته وماله، فتعتد امرأته ويقسم ماله، قيل من يوم المعركة قريبة كانت أو بعيدة، وهو قول سحنون، وقيل: بعد