يرى أن كل وطء لا يلحق به الولد فلا يحرم بلبنه، يريد من قبل فحله، ثم رجع إلى أنه يحرم. وإلى هذا ذهب سحنون وقال: ما علمت من قال من أصحابنا إنه لا يحرم إلا عبد الملك، وهو خطأ صراح. وقد «أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سودة أن تحتجب من ولد ألحقه بأبيها لما رأى من شبهه بعتبة». قال ابن المواز: وإذا أرضعت بلبن الزنا صبيا فهو لها ابن ولا يكون ابنا للذي زنى بها. ولو كانت صبية فتزوجها الذي كان زنى بها لم أقض بفسخ نكاحه، وأحب إلي أن يتجنبه من غير تحريم. وأما ابنته من الزنا فلا يتزوجها وإن كان ابن الماجشون قد أجازه، ومكروهه بين «لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسودة في الولد الذي ألحقه بأبيها: احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة» فكيف يتزوجها عتبة لو كانت جارية؟.

فصل

وتقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لم تلد وإن كان من غير وطء إذا كان لبنا ولم يكن ماء أصفر لا يشبه اللبن. وأما الرجل فلا تقع الحرمة برضاعه وإن كان له لبن، وما أظنه يكون. فقد أنكر ذلك مالك فقال: وإنما يحدث بهذا قوم نفاق.

فصل

ويستحب للأم أن ترضع ولدها، فإنه روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه». ولذلك كانت المطلقة أحق برضاع ولدها بما ترضعه غيرها. ويكره الظؤرة من اليهوديات والنصرانيات لما يخشى من أن تطعمهم الحرام وتسقيهم الخمر. وقال ابن حبيب عن مالك: فإذا أمن ذلك فلا بأس به. ويتقى رضاع الحمقاء وذوات الطباع المكروهة، لما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الرضاع يجر الطباع». قال عبد الملك: ولذلك كانت العرب تسترضع أولادها في أهل بيت السخاء أو بيت الوفاء أو بيت الشجاعة أو ما أشبه ذلك من الأخلاق الكريمة. وبالله التوفيق وهو الهادي إلى أقوم طريق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015