المصة والمصتان» على ما وقع في المدونة، فوجب أن تسقط لهذا الاختلاف، فلذلك لم يخرجه البخاري والله أعلم. وكذلك اضطرب ابن الزبير في رواية هذا الحديث، فرواه مرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومرة عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومرة عن عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرد أيضا من أجل هذا الاختلاف. وكذلك حديث عائشة: «كان مما أنزل فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مما يقرأ في القرآن» لا تصح به حجة؛ لأنها أحالت على القرآن في الخمس رضعات فلم توجد فيه. ولذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وليس العمل على هذا. وقال من ذهب إلى الأخذ بالخمس رضعات: إن هذا مما نسخ خطه وبقي حكمه كآية الرجم. وهذا لا يصح؛ لأن نسخ القرآن لا يكون إلا بأمر الله تعالى، ولا يصح إلا في حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما بعد موته فلا يجوز أن يذهب من صدور الناس حفظ شيء من القرآن؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه حفظ كتابه العزيز فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وقد أخبرت هي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفي والخمس رضعات تقرأ في القرآن، ولو كان ذلك لما سقط من القرآن، فلعلها أرادت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفي وهو مما يقرأ في القرآن المنسوخ، أي يعلم أن ذلك كان قرآنا فنسخ خطه وبقي حكمه كآية الرجم وكسائر ما نسخ خطه وحكمه وذهب من الصدر حفظه. وهذا محتمل إذ لم تقل إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفي وهو قرآن، وإنما قالت: إنه توفي وهو مما يقرأ في القرآن، فاحتمل أن يكون أرادت أنه كان يذكر في القرآن المنسوخ خطه والله أعلم.

فصل

والرضاع يحرم بلبن المسلمات والمشركات الحرائر والإماء الأموات والأحياء من قبل الأم ومن قبل الفحل إن كان الوطء حلالا أو بوجه شبهة يلحق به الولد. واختلف إن كان الوطء حراما لا شبهة فيه كوطء الزنا، ومن تزوج من لا تحل له وهو عالم هل تقع الحرمة به من قبل الفحل أم لا على قولين. فكان مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015