فصل في تحريم لبن الفحل

وأبا أخيها من الرضاعة، إذ لا حرمة بينها وبين واحد منهم، بخلاف النسب لا يجوز للمرأة أن تتزوج أخا ابنها من النسب؛ لأنه ربيبها ابن زوجها، ولا جد ابنها من النسب؛ لأنه والد زوجها، ولا أبا أخيها لأمها؛ لأنه زوج أمها. وأما نكاح الرجل أخت أخيه فذلك جائز في النسب والرضاع، إذ لا حرمة بينه وبينها. وكذلك نكاح الرجل أخت عمه جائز أيضا في الرضاع والنسب، إذ لا حرمة بينه وبينها.

والعم من الرضاع على ثلاثة وجوه: أحدها: أن يكون لأبيك من النسب أخ من الرضاعة بأن تكون أرضعتهما امرأة واحدة في حولي رضاعهما أو امرأتان بماء رجل واحد فيكون عمك من الرضاعة. والثاني: أن يكون لأبيك من الرضاع وهو الذي أرضعتك زوجته أو أمته بمائه أخ من النسب فيكون عمك من الرضاعة. الثالث: أن يكون لأبيك من الرضاع وهو الذي أرضعتك زوجته بمائه أخ من الرضاع بأن يكون أرضعتهما امرأة واحدة أو امرأتان بماء رجل واحد فيكون ذلك الأخ عما لك. وهذا كله بين والحمد لله.

فصل

في تحريم لبن الفحل

وقد اختلفت العلماء في لبن الفحل فطائفة أنزلته منزلة الأم فأوجبت به التحريم، وهو قول مالك وجميع أصحابه والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما والثوري وأحمد بن حنبل وأكثر أهل العلم، وطائفة كرهته، منهم القاسم بن محمد وعروة بن الزبير ومجاهد والشعبي، وطائفة رخصت فيه وهم سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار والنخعي. وعلى تحريمه العمل. وإنما اختلفوا فيه، والله أعلم؛ لأنهم جعلوا مخالفة عائشة للحديث الذي روته في ذلك علة فيه. روي عنها أنها كانت لا ترى التحريم من قبل الفحل، فكان يدخل عليها من أرضعته بنات أخيها وبنات أختها، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء إخوتها، وهي التي روت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التحريم بلبن الفحل وقالت به بعد أن أوقفت على ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت يا رسول الله: «إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل». والحجة في السنة لا فيما خالفها، وإن خالفها الراوي لها. وقد قيل: إن مخالفته لها تبطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015