الله وجمهور أصحابه ومن قال بقولهم. وقد استدل بعض المالكيين على أن النكاح لا يجوز بأقل من ثلاثة دراهم بأن قال: إن الله تعالى لما شرط عدم الطول في نكاح الإماء وأباحه لمن لم يجد طولا علم أن الطول لا يجده كل الناس، ولو كان الفلس والدانق والقبضة من الشعير لما عدمه أحد. ومعلوم أن الطول هو المال في هذه الآية، ولا يقع اسم مال على أقل من ثلاثة دراهم، فوجب أن يمنع من استباحة الفرج بما لا يكون طولا، وليس هذا بينا، وما قدمته أولى، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
وأما أكثر الصداق فلا حد له، وإنما ذلك على ما يتراضى عليه الأزواج والزوجات، وعلى الأقدار والحالات. قال الله عز وجل: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار ألف دينار ومائتا دينار، إلا أن المياسرة في الصداق عند أهل العلم أحب إليهم من المغالاة فيه. روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال تياسروا في الصداق» وكانت صدقات أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عظم مرتبته وعلو قدره وأقدارهن اثنتي عشرة أوقية ونشا، والأوقية أربعون درهما، والنش عشرون درهما، فذلك خمسمائة درهم. وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يزوج بناته على مثل ذلك مع عظم مراتبهن وعلو أقدارهن لمياسرته في صدقاتهن. «وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سأل رجلا من الأنصار عن امرأة تزوجها فقال كم أصدقتها، قال مائتي درهم فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لو كنتم تغرفون من البطحاء ما زدتم ..» وروي «أن عبد الله بن أبي حدرد تزوج امرأة بأربع أواق فأخبر بذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: لو كنتم تنحتون من جبل ما زدتم». وقال عمر بن الخطاب: لا تغالوا في مهور النساء فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، ألا وإن أحدكم ليغلي صداق امرأته حتى يبقى لها عداوة في نفسه فيقول لها لقد كلفت لك حتى علق القربة.