فصل

والخمر ما أسكر وخامر العقل. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام فما أسكر من جميع الأشربة فقليله وكثيرة حرام»، هذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وجمهور أهل العلم، وخالف في ذلك أهل العراق. فمنهم من ذهب إلى أن الخمر المحرمة العين هي الخمر التي من عصير العنب إذا نش وألقى الزبد أو نش وإن لم يلق الزبد على اختلاف بين هؤلاء في ذلك، وما سوى ذلك عندهم من الأشربة والأنبذة المسكرة النيئة أو المطبوخة فالسكر منها حرام، وما دونه حلال على ما روي عن عبد الله بن عباس أنه قال: حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب، وهذا لا حجة فيه؛ لأن بعض الرواة يقول فيه والمسكر من كل شراب. ومنهم من ذهب إلى أن الخمر المحرمة العين خمر العنب والتمر خاصة على ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الخمر من الكرمة والنخلة». ومنهم من ذهب إلى أن الخمر المحرمة العين هي الخمر التي من عصير العنب، وأن نقيع التمر والزبيب المخمر عن غير طبخ بمنزلة الخمر في تحريم العين بخلاف سائر الأشربة والأنبذة؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الخمر من الكرمة والنخلة»، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تعالى.

فصل

فكل مسكر مطرب من أي نوع كان من الأنبذة والأشربة محرم العين نجس الذات؛ لأن الله تعالى سمى الخمر رجسا كما سمى النجاسات من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رجسا فقال تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] وليس معنى قولنا إن الخمر نجسة الذات أن ذاتها نجسة، إذ لو كانت ذاتها التي هي جسمها نجسة لما انتقلت بتبدل صفاتها إلى الطهارة، وإنما معنى قولنا إنها نجسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015