بمنى. وقيل: يعني به صلاة العيد ثم النحر بعدها، وأن الآية نزلت بالمدينة. وأما الحج فلا صلاة عيد فيه. وقيل: يعني به وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة عند النحر وهو الصدر. وقيل: يعني به استقبال القبلة في الصلاة لوجهك ونحرك أي صدرك، والله أعلم. وقال ابن حبيب: إنها من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها خطيئة، وأنها أفضل من الصدقة وإن عظمت، وأفضل من العتق. ونحوه في المدونة فيمن اشترى أضحية ولم يضح بها حتى مضت أيام النحر أنه آثم، فعلى هذا هي واجبة.
وتحصيل مذهب مالك أنها من السنن التي يؤمر الناس بها ويندبون إليها ولا يرخص لهم في تركها، فقد قال: وإن كان الرجل فقيرا لا شيء له إلا ثمن الشاة فليضح، وإن لم يجد فليستسلف. وقد روي عنه - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الضحية أفضل من الصدقة، وروي عنه أن الصدقة أفضل من الضحية. فعلى هذا لم يرها واجبة ولا يأثم بتركها وإن كان موسرا ما لم يتركها رغبة عن إتيان السنن.
وفي الضحايا فضل كثير. قال الله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] يعني ذخر الثواب. وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم أجرا عند الله من إراقة الدماء». وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ما عمل آدمي يوم النحر من عمل أحب إلى الله من إراقة دم وإنه ليأتي يوم القيامة في قرنه بقرونها وأظلافها وأشعارها وإن دمها ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسا» فقوله: في قرنه يريد في كتاب حسناته. وقوله: بقرونها وأظلافها وأشعارها يريد أن شيئا منها لا يضيع له وأنه يجده ويجازى عليه، فلذلك يستحب عظم الضحية وكمال شعرها وكمال خلقها. والآثار في هذا كثيرة.