{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] ولما استسلم للذبح واستسلم إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لذبحه بشر به نبيا من الصالحين.
قلت: والذي ذهب إليه المفضل من أنه إسماعيل هو الأظهر. وقد اختلف في ذلك اختلافا كثيرا والله أعلم. وما استدل به أبو جعفر الطبري لما ذهب إليه من أنه إسحاق - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لأنه يبعد أن يسأل إبراهيم ربه هبة ما قد وهبه إياه إنما يستقيم على أن إسحاق أكبر من إسماعيل، فإن كان إسماعيل أكبر من إسحاق على ما ذكره المفضل من أنه لم يختلف في ذلك الرواة فما استدل به حجة للمفضل في أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وروي أن هذا الكبش الذي فدي به ابن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الذبح هو القربان الذي أخبر الله أنه تقبله من أحد ابني آدم حيث يقول: {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ} [المائدة: 27] فذلك أن ابني آدم لما أمرا بالقربان كان أحدهما صاحب غنم وكان نتج له حمل في غنمه فأحبه حتى كان يؤثره بالليل وكان يحمله على ظهره حتى لم يكن له مال أحب إليه منه. فلما أمر بالقربان قربه لله فقبله الله منه فما زال يرتع في الجنة حتى فدي به ابن إبراهيم - والله أعلم.
فصل
فالضحية سنة من سنن الإسلام وشرع من شرائعه. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت بالنحر وهو لكم سنة» وأما قول الله عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قيل: معناه فصل لربك وانحر لربك، فتكون الآية على هذا عامة في الهدايا والضحايا. وقيل: يعني به صلاة الصبح بالمشعر الحرام ثم النحر بعدها