كانت لا تعيش لو تركت؛ لأن انقطاع الدم إنما يكون بانقطاع بعضها من بعض، وذلك ما لا يصح معه حياة.
فالحكم في المنخنقة وأخواتها ينقسم على هذه الأقسام الثلاثة: إذا لم تنفذ مقاتلها ورجيت حياتها عملت فيها الذكاة باتفاق. وإذا أنفذت مقاتلها لم تعمل فيها الذكاة باتفاق في المذهب إلا على قياس رواية أبي زيد، وقد تقدم ذكر شذوذها. وإن لم تنفذ مقاتلها إلا أنه قد يئس من حياتها قبل، أو شك في أمرها، عملت فيها الذكاة على قول ابن القاسم ومن قال بقوله ممن يرى الاستثناء في الآية المذكورة متصلا.
فيتحصل فيها إذا يئس من حياتها أو شك في ذلك ثلاثة أقوال. أحدها: أنها تذكى وتؤكل. والثاني: أنها لا تذكى ولا تؤكل. والثالث: أنها تذكى وتؤكل إذا شك في حياتها، ولا تذكى إذا يئس من حياتها.
فصل
وذهب ابن بكير إلى أن معنى ما ذكر الله في الآية في المنخنقة وأخواتها أنها هي التي ماتت من ذلك كله، وقال: إنما ذكر الله الميتة حتف أنفها والتي تموت من هذه الأسباب، فأخبر أن الجميع بمنزلة سواء في التحريم. هذا معنى قوله دون النص، وعلى هذا التأويل فالاستثناء منفصل على كل حال لا يصح غيره، وكذلك قال هو. وما ذهب إليه في ذلك بعيد؛ لأن الميتة اسم عام يدخل تحته الميتة حتف أنفها والتي تموت من هذه الأشياء، فلو كان المعنى ذلك لم يكن لذكر المنخنقة وأخواتها في الآية معنى. وله على بعده وجه، وهو أن الله تعالى أعلم أن التي تموت من هذه الأشياء كالتي تموت حتف أنفها سواء في التحريم. وإنما الصحيح في معنى الآية ما قدمته أولا من أن المنخنقة وأخواتها التي ذكر الله في الآية هي