فإن استدركها بعد أن فرطت منه اليمين لم ينتفع بها وان وصلها باليمين. وذلك مثل أن يقول: والله إن كنت رأيت اليوم قرشيا وهو يريد فلانا لرجل بعينه؛ لأنه قد رأى غيره من القرشيين. فإن قال: والله رأيت اليوم قرشيا ولا نية له ثم نوى في نفسه فلانا بعد تمام اليمين لم ينتفع بذلك وإن وصل النية باليمين، بخلاف الاستثناء.

فصل

والاستثناء على وجهين: استثناء لا يخرج من الجملة بعضها وهو الاستثناء من غير الجنس، واستثناء يخرج من الجملة بعضها وهو الاستثناء من الجنس. فأما الاستثناء الذي لا يخرج من الجملة بعضها فاختلف في جوازه، والأصح أنه جائز. قال الله عز وجل: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2] {إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: 3]، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: 92]. وقال النابغة:

وما أحد بالربع إلا الذي أرى

وهذا الاستثناء يقدر بلكن.

فصل

وأما الاستثناء الذي يخرج من الجملة بعضها فإنه ينقسم على وجهين: أحدهما: أن يستثنى أكثر الجملة. والثاني: أن يستثنى أقلها. فأما إذا استثنى أكثر الجملة فاختلف في جواز ذلك على قولين، أصحهما الجواز. والدليل على جوازه قَوْله تَعَالَى: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] {إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 83]، وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42]، فلا بد أن يكون أحد الاستثناءين أكثر من الجملة وأما إذا استثنى أقل من الجملة فإن ذلك جائز باتفاق. وهو على وجهين: بحرف الاستثناء، وبغير حرف الاستثناء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015