الزوج في أول عام وإن كان الحج على التراخي لأن لها أن تعجله وإن لم يجب عليها تعجيله. ولما أخر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاما واحدا للعذر المذكور في الحديث رأى على ما في كتاب ابن عبد الحكم أنه يقضى عليهما بالتأخير عاما واحدا، لأن يمين الزوج عذر، ولعلها إنما قصدت إلى تحنيثه لا إلى القربة بتعجيل الحج، فهذا وجه الرواية والله أعلم. ولابن نافع عن مالك في المجموعة أنه يستأذن أبويه في حج الفريضة العام وعام قابل ولا يعجل عليهما، فإن أبيا فليخرج. وهذا بين في أن الحج عنده على التراخي خلاف ما في كتاب ابن المواز أنه يحج الفريضة [بغير إذنهما] وإن قدر أن يترضاهما فعل. وإلى أنه على التراخي ذهب سحنون في نوازله من كتاب الشهادات، أي لم ير أن تسقط شهادة من ترك الحج وهو قوي عليه حتى يتطاول ذلك السنين الكثيرة من العشرين إلى الستين ونحو ذلك.
فإذا قلنا إنه على التراخي فله حالة يتعين فيها، وهو الوقت الذي يغلب على الظن فواته بتأخيره عنه، وهو يتعين عندي على من بلغ الستين، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «معترك أمتي من الستين إلى السبعين». وإلى هذا الحديث نحا سحنون في نوازله والله أعلم. ومما يدل على - أن الحج على التراخي أنه فرض في سنة تسع وأقامه أبو بكر للناس في ذلك العام، ولم يحج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا في سنة عشر. وإلى هذا ذهب الشافعي واحتج بهذه الحجة. وما اعتل به في ذلك من ذهب إلى أنه على الفور من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد علم بما أعلمه الله أنه يعيش حتى يحج لا يلزم، لأن أصل اختلافهم أفي هذا إنما هو على اختلافهم، في الأمر المطلق هل يقتضي الفور أو لا يقتضيه. فلو كان قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] يقتضي الفور في اللسان ومفهوم في