أتبع الناس لأموره وآثاره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى أخذ بنفسي أنه كالوصال الذي نهى عنه النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، «فقيل له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنك تواصل، فقال إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني». فلا ينبغي أن يعتكف إلا من يقدر أنه يفي بشروط الاعتكاف.
وأفضل الشهور للاعتكاف شهر رمضان، وأفضل أيامه العشر الأواخر منه. روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف العشر الأول من رمضان فأتاه جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقال له إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الوسط، فأتاه فقال له إن الذي تطلب أمامك فاعتكف العشر الأواخر».
فصل
وأدنى الاعتكاف يوم وليلة، وأعلاه في الاستحبابات عشرة أيام، قاله ابن حبيب. وقد اختلف قول مالك في أدناه فمرة قال أقله يوم وليلة، ومرة قال أقله عشرة أيام. فمن أوجب على نفسه اعتكافا ولم يسم عددا من الأيام أو دخل في الاعتكاف ولم ينو عددا من الأيام لزمه عشرة أيام على القول الواحد، وعلى القول الثاني لا يلزمه إلا يوم وليلة، يبدأ بالليلة قبل اليوم، فيدخل اعتكافه عند الغروب. فإن دخل اعتكافه بعد الغروب وقبل الفجر لم يجزئه اعتكاف ذلك اليوم، وهو مذهب سحنون. وقيل إنه يجزئه وبئس ما صنع لأن الليل كله وقت لتبيت الصيام، فأي وقت نوى فيه أجزأه قاله عبد الوهاب. وقد قيل إن ذلك ليس باختلاف قول، ويحمل قول سحنون على أنه نذر الاعتكاف وقول عبد الوهاب على أنه نواه. والأول أظهر أنه اختلاف يدخل في الوجهين جميعا.
فصل
والاعتكاف يجب بأحد وجهين: إما بالنذر، وإما بالنية مع الدخول فيه