مالك فيمن طاف تطوعا إنه يجزئه من طواف الإفاضة إذا تباعد، ومثل قول أشهب فيمن قرأ سجدة في صلاته فركع بها ساهيا: إن الركعة تجزئه، ومثل قولهم فيمن حالت نيته وهو في الصلاة إلى نافلة: إن صلاته تامة. والفرق عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بين من حالت نيته في الصلاة إلى نافلة وبين القائم إلى الصلاة تحول نيته فيكبر بنية الركوع الذي هو سنة مراعاة الاختلاف، وذلك أن كثيرا من العلماء يوجبون عليه تجديد النية عند الإحرام. ولا خلاف عند أحد من العلماء في أنه لا يلزمه تجديد النية عند كل ركن من أركان الصلاة، ومن مذهبه مراعاة الاختلاف. وأما سعيد بن المسيب وابن شهاب فطردا قولهما على أصل مذهبهما ولم يراعيا خلاف غيرهما. ولو كبر للركوع وهو ذاكر للإحرام متعمدا لما أجزأته صلاته بإجماع، كما لو رجع في صلاته إلى نية النافلة متعمدا لبطلت صلاته. ومن تأول على ابن المسيب وابن شهاب أن تكبيرة الإحرام عندهما سنة وأن سجود السهو يجزئ فيها عن الفذ وأن الإمام يحملها عن المأموم فقد أخطأ عليهما خطأ ظاهرا، إذ لو كانت عندهما سنة لحملها الإمام عن المأموم كبر للركوع أو لم يكبر، كما يحمل عنه القراءة وجميع سنن الصلاة وإن كثرت، ولأجزأ الفذ والإمام من تركها سجود السهو وأن لم يكبر للركوع وإن كان القوم سهوا عنها بسهوه أجزأهم سجود سجدتي السهو بهم. وإن كانوا كبروا هم دونه قبل ابتدائه بالقراءة بطلت صلاتهم لدخولهم فيها قبله إن كان مذهبه أن صلاة القوم مرتبطة بصلاة إمامهم، وهذا لا يصح؛ لأنه خلاف ما نصا عليه في قولهما أجزأته تكبيرة الركوع من تكبيرة الإحرام؛ لأنهما لما قيدا الإجزاء بتكبيرة الركوع دل ذلك من مذهبهما على أن تكبيرة الإحرام عندهما فرض إلا أنه يجزئ منها عندهما للفذ والإمام والمأموم تكبيرة الركوع، فلا يكون واحد منهم داخلا في الصلاة على مذهبهما إذا لم يكبروا للإحرام إلا تكبيرة الركوع النائبة منابها عندهما على التأويل الذي وصفناه من أن النية المتقدمة انتظمت بها فصح الإحرام، فإن تركها المأموم وكبر للركوع صحت صلاته على مذهبهما وكان داخلا فيها بتكبيرة الركوع التي أجزأته من تكبيرة الإحرام؛ لانتظامها بالنية المتقدمة وحمل الإمام عنه القراءة. وهذا إن كبر للركوع في حالة القيام. وإن تركها الفذ وكبر للركوع أجزأته تكبيرة الركوع عن تكبيرة الإحرام فصح إحرامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015