بتفاريق لا تسلم من الاعتراض ليس هذا موضع ذكرها والانفصال عنها. وأغرق بعضهم في القياس فقالوا: إن جدد النية للإحرام بعد أن أخذ في التكبير قبل تمامه لم يجزئه حتى ينويه من أوله. ومنهم من قال: إن تجديد النية عند الإحرام لا يجزئه حتى يسمي الصلاة التي يريد بلفظه فيقول صلاة كذا، وهذا لا يوجبه نفر، ولا يعضده أثر.
فتكبيرة الإحرام هي التكبيرة التي تقترن بها نية أداء فرض الصلاة أو تتقدمها بيسير على ما قدمناه، وهي فرض عند مالك وجميع أهل العلم إلا من شذ منهم على الفذ والإمام والمأموم. وقد روي عن ابن شهاب أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تكبيرة الإحرام على الفذ والإمام والمأموم». وقول سعيد بن المسيب وابن شهاب فيمن نسي تكبيرة الإحرام مع الإمام وكبر للركوع: إنها تجزئه من تكبيرة الإحرام وإن لم ينو بها تكبيرة الإحرام، لا يدل أن تكبيرة الإحرام عندهما ليست بفرض، خلاف ما ذهب إليه بعض المتأولين من المتأخرين، وإنما معنى ما ذهبا إليه والله أعلم وأحكم أنها تجزئه من تكبيرة الإحرام؛ لأن النية قد تقدمت منه عند القيام إلى الصلاة، إذ لا يتصور عدم النية من القائم للصلاة فانتظمت النية المتقدمة بالتكبير للركوع لقرب ما بينهما فصح الإحرام وأجزأت الركعة؛ لأن الإمام يحمل عنه القراءة، ولم ير ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فقال: وذلك إذا نوى بها تكبيرة الإحرام، وإن كان من مذهبه جواز تقدم النية على الإحرام على ما ذكرناه؛ لأنه لما نوى بها تكبيرة الركوع وهي سنة كان قد نقض بذلك نيته المتقدمة. وإنما كانت تجزئه من تكبيرة الإحرام وتنتظم عنده بالنية المتقدمة لو لم تكن له فيها نية. فأصل الاختلاف بينه وبينهما إنما هو هل ترتفض بذلك نيته المتقدمة بتحويلها إلى نية تكبيرة الركوع الذي هو سنة أم لا. فرأى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أنها ترتفض بذلك، ورأى سعيد بن المسيب وابن شهاب أنها لا ترتفض به، وذلك نحو قول