يا أبا عبد الله، ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر. فقال مالك: من أين علموا ذلك؟ فقال: منك يا أبا عبد الله، فقال مالك: ما أعلمها أنا فكيف يعلمونها مني.
وروي عن أبي بكر أحمد بن زهير قال: كان مالك يجلس إلى ربيعة فكانت حلقته في زمن ربيعة مثل حلقة ربيعة وأكثر. وأفتى معه ربيعة عند السلطان. ومن ورعه وفضله توقفه عن كثير مما كان يسأل عنه.
روي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة وذكر أنهم أرسلوه يسأله عنها من مسيرة ستة أشهر، قال: فأخبر الذي أرسلك أنه لا علم لي بهذا. قال: ومن يعلمها؟ قال: الذي علمه إياها. قال عبد الرحمن: قالت الملائكة: لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا وروي عن أبي الهيثم بن جميل قال: شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة قال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.
وروي عن خالد بن خداش أنه قال: قدمت على مالك من العراق بأربعين مسألة فسألته عنها، فما أجابني إلا في خمس مسائل منها. وروي عنه أنه قال: جنة العالم لا أدري، فإذا أخطأها أصيبت مقاتله. وروى ابن وهب عن مالك قال: سمعت عبد الله بن يزيد يقول ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول لا أدري حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري.
وقال أبو عمر بن عبد البر: صح عن أبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: لا أدري نصف العلم. وروي عن محمد بن رمح أنه قال: رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المنام منذ أكثر من خمسين سنة، فقلت له: يا رسول الله: إن مالكا والليث يختلفان فبأيهما نأخذ؟ قال مالك.
وروى أشهب عن الدراوردي قال: رأيت في منامي أني دخلت مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوافيت رسول الله يخطب الناس إذ أقبل مالك فدخل من باب المسجد، فلما أبصره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إلي إلي، فأقبل إليه حتى دنا منه، فسل خاتمه من خنصره ووضعه في خنصر مالك. وروي عن مصعب بن عبد الله الزبيري