فصل في فضل مكة والمدينة والتفضيل بينهما

بعض الخيل بقضاء الله عز وجل وقدره السابق على ما أخبر به حيث قال في كتابه العزيز: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] وفي الفرس ركوبه فيما لا ينبغي ركوبه فيه أو مصيبة تحدث عليه بركوبه إياه، لا بعدوى شيء من ذلك على شيء ولا بتأثير له فيه.

فلم ينف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله: "لا عدوى وجود ما هو موجود مما يعتدى، وإنما نفي أن يكون شيء من الأشياء يعدى على ما يعتقده أهل الجاهلية والجهلة بالله ". ألا ترى ما جاء في الحديث الصحيح من قوله: «لا عدوى ولا هام ولا صفر ولا يحل المريض على المصح وليحل المصح على المريض حيث شاء». قالوا يا رسول الله: وما ذاك؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنه إذا نفي أن يكون لشيء عدوى ونهي أن يحل المريض على المصح؛ لأنه قد يتأذى بذلك، على ما هو موجود من جري العادة في ذلك بقضاء الله وقدره السابق، ويبين هذا الذي ذكرناه حديث أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا عدوى ولا هام ولا صفر فقام أعرابي فقال يا رسول الله: إن الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء يرد عليها البعير الجرب فتجرب كلها، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فمن أعدى الأول». وبالله التوفيق لا شريك له ولا رب غيره ولا معبود سواه.

فصل

في

فضل مكة والمدينة والتفضيل بينهما

لا اختلاف بين أهل العلم في فضل مكة والمدينة وأنهما أفضل البقاع، وإنما اختلفوا في التفضيل بينهما. فذهب جماعة من المالكيين إلى أن المدينة أفضل من مكة، وقال أبو حنيفة والشافعي وغيرهما من أهل العلم: مكة أفضل من المدينة وهو الأظهر؛ لأن الله عز وجل حرم مكة وعظم حرمتها، وجعل بيته فيها قبلة للصلاة فقال: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ} [البقرة: 144] وَقَالَ {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015