بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على محمد وآله وصحبه
قال الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60] وَقَالَ {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: 21] وَقَالَ {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] فالجراح مأخوذة من الجوارح لأنها لا تفعل إلا بها. فكل من جنى جناية أو جرح جرحا أو أذنب ذنبا أو اكتسب إثما بيده أو بلسانه أو بجارحة من جوارحه فهو جارح في اللغة، إلا أن الجراح قد تعرفت في جراح الحيوان في أبدانها، كما أن دابة اسم لكل ما دب في الأرض من بني آدم وغيره من الحيوان، وقد تعرفت في الخيل والبغال والحمير. فمن قال اشتريت اليوم دابة لا نفهم من قوله إلا أنه اشترى فرسا أو بغلا أو حمارا وإن كانت الدابة تقع على غير هذا من الحيوان. وكذلك من قال: حكمت اليوم على الجارح بالغرم أو بالأدب لا يفهم عنه إلا على أنه حكم على من جرح حيوانا لا على من جرح غير ذلك من الأشياء. قال الله عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].