{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 72] {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: 73]. والقصة مشهورة في شأن الرجل الذي قتله ابن أخيه ليرثه وادعى قتله على أهل قرية فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ويضرب ببعضها، ففعل ذلك فقال قتلني ابن أخي، فصار هذا أصلا في قبول دعوى المقتول وتأثيرها في دعوى القتل. وقد قال جماعة منهم الفقيه أبو عمر بن عبد البر وغيره إن الاحتجاج بهذه الآية غفلة شديدة أو شعوذة لأن الذي ذبحت البقرة من أجله وضرب ببعضها كانت فيه آية لا سبيل إليها اليوم ولا تصح إلا لنبي أو بحضرة نبي، ولم يقسم على قتيل بني إسرائيل بل علم صدقة بالآية. وهذا غير صحيح، بل الدليل منها قائم وذلك أن الآية إنما كانت في الإحياء وأما في قَوْله تَعَالَى ابن أخي فلان قتلني فليس فيه آية لأن كل حي عاقل لا آفة فيه من بني آدم يتكلم ويخبر بما في علمه. وقد كان الله قادرا على أن يحيي غيره من الأموات فيقول فلان قتل فلان فيكون فيه آيتان آية في إحيائه وآية في إخباره بالغيب. فلما خصه الله بالإحياء من بين سائر الأموات دل ذلك على أن الشرع كان عندهم أن من قتل فأدرك حيا فأخبر بقاتله صدق قوله، فلما فات بالموت ولم تدرك حياته أحياه الله لنبيه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ليستدرك بإحيائه ما كان فاته من الحكم، فهذا كان سبب تخصيصه بالإحياء والله أعلم، كما كان سبب تخصيص البقرة بالذبح ما أراد الله مجازاة الذي امتنع من تجارته خوفا من إيقاظ أبيه بأن يعوضه أضعاف ما فاته من الربح بسبب ترك إيقاظ أبيه. روي عن ابن عباس في سبب هذه البقرة أنه قال: كان في بني إسرائيل رجل من أبر الناس لأبيه، وأن رجلا مر به ومعه لؤلؤ يبيعه، وكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح فقال له الرجل تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا قال: إبق كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه منك بثمانين ألفا، فقال الآخر أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا وزاد الآخر على أن ينتظر أباه حتى يستيقظ حتى بلغ مائة ألف. فلما أكثر عليه قال: لا والله لا أشتريه منك بشيء أبدا وأبى أن يوقظ أباه برورا به، فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015