يبلغوا خمسين رجلا كررت عليه الأيمان ثم غرموا الدية. وإن نكلوا عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا أو يقروا. وقال عثمان الليثي: خلافا لما روي أن عمر بن الخطاب قضى له من رواية الكوفيين أنه أحلف الذين وجد عندهم القتيل وأغرمهم الدية، فقال له الحارث ابن الأزمع: أتحلفون وتغرمون، قال: نعم.
والحجة في السنة لا فيما خالفها، والصحيح منها تبدئة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أولياء القتيل بالأيمان على ما رواه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقول من قال إن الحكم بالقسامة وتبدية المدعين بها خلاف الأصول وخلاف ما ثبت من قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر»، وقوله «لو يعطى الناس بأيمانهم لادعى ناس دماء قوم وأموالهم» غير صحيح، لأنا لا نبدي أولياء القتيل بالقسامة بمجرد دعواهم، وإنما يحكم لهم بها إذا كان لهم دليل يغلب على الظن به صدق قولهم، فليس هذا خلافا للأصول، بل هو مطابق لها ولا يقول إنه خلاف لها إلا من لم يفهم المعاني ولا وقف على حقيقة الأصول، إذ ليس العلة في تبدئة المدعى عليه باليمين كونه مدعى عليه، ولو كان كذلك لما وجد مدعى عليه إلا والقول قوله مع يمينه، ولا العلة في إيجاب البينة على المدعي كونه مدعيا إذ لو كان كذلك لما وجد مدع إلا عليه إقامة البينة. وإنما العلة في كون المدعى عليه مصدقا مع يمينه أن له سببا يدل على تصديقه وهو كون السلعة بيده. ألا ترى أن السلعة إذا خرجت من يده وحازها الرجل بحضرته مدة طويلة ثم ادعى أنه اشتراها منه فالقول قوله مع يمينه. وإن كان هو المدعي للشراء، لأن له سببا على تصديقه وهو حيازة السلعة بحضرته المدة الطويلة. وإذا كان لكل واحد من المتداعيين سبب يدل على