اختلاف بين أحد من أهل العلم في صحته. وقوله فيه أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم يبين أن القسامة يقتل بها القاتل. ولو كانت القسامة لا توجب القتل وإنما توجب الدية على ما ذهب إليه الشافعي في أحد قوليه لقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أتحلفون وتستحقون دية صاحبكم. وهذا بين مع ما روي في الحديث من غير رواية مالك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لولاته: «تسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فيسلم إليكم». فكان هذا من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما روي عنه في غير هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قتل رجلا بالقسامة من بني نصر ببحرة الرغاء على شط لية البحرة. وما روي أيضا عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أنه قضى بالقسامة في عامر بن الأضبط يوم قتله يحلم بن حمامة الليثي فأقسم ولاته ثم دعاهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الدية فأجابوه إليها ففداه بمائة من الإبل الحديث واقعا موقع البيان لمحمل قول الله عز وجل في القرآن {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] حكى هذين الأثرين ابن حبيب في الواضحة. وتعلق الشافعي فيما ذهب إليه في أحد قوليه أن القسامة لا يستحق بها الدم وإنما يستحق بها الدية بقوله في حديث مالك إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تأذنوا بحرب. ولا حجة له فيه لاحتمال أن يكون معناه إن رضيتم بأخذ الدية وترك القصاص بعد القسامة. وإذا حمل قوله على هذا لم تتعارض ألفاظ الحديث.

فصل

وقد روي في هذا الحديث من غير رواية مالك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدأ اليهود باليمين، فتعلق بذلك أبو حنيفة وأصحابه فقالوا: إذا وجد قتيل في محلة وبه أثر وادعى الولي على أهل المحلة أنهم قتلوه أو على أحد منهم بعينه استحلف من المحلة خمسون رجلا يختارهم الولي. بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا. وإن لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015