الأحرار دون العبيد وقول الله عز وجل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. وعلمنا أن المراد بها الأبكار دون المحصنين بالنكاح بما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قولا وعملا من أن حد الزاني المحصن الرجم دون الجلد، فبقيت الآية محكمة في الزانين الحرين البكرين. والشافعي يحمل الآية على عمومها في الكفار والمسلمين ولا يخص منها العبيد والمحصنين. وأهل الظاهر نفاة القياس لا يخصصون منها الإناث دون ذكرانهم فيوجبون في الزنى على العبد جلد مائة وعلى الأمة جلد خمسين. وهذا ترده الأصول، وتدفعه العقول. وذلك أن جميع الحدود في السرقة والقتل والحرابة والقذف والزنى في الأحرار يستوي فيها الذكر والأنثى، فكذلك العبد والأمة في حد الزنى لمساواة العبد لها في المعنى الذي من أجله خص حدها وهو الرق، بدليل أنها لو عتقت لكمل حدها. وهذا بين لا إشكال فيه.

فصل

الرجم يجب على الزاني بخمسة أوصاف، وهي: أن يكون بالغا، عاقلا، حرا، مسلما، واطئا وطئا مباحا بنكاح صحيح منبرم لا خيار فيه لأحد بعد حصول الأربعة الأوصاف.

وأما البلوغ والعقل فلا خلاف في صحة اشتراطهما في وجوب الرجم والجلد، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاث: المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ». وكذلك الحرية أيضا لا أعلم في صحة اشتراطها في وجوب الرجم خاصة اختلافا بين أحد من فقهاء الأمصار. وكذلك الوطء بالنكاح الصحيح. وأما تقيدنا إياه بالمباح دون المحظور فالاختلاف فيه من قول مالك وأصحابه معلوم. ذهب ابن الماجشون إلى أن الوطء المحظور بالنكاح الصحيح يحل ويحصن. وروي عن مالك أنه يحصن ولا يحل، فلا يصح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015