مصعب بن ثابت: قتل السارق بالحجارة في الخامسة ولم يقل به أحد من أهل العلم إلا ما ذكره أبو المصعب في مختصره عن أهل المدينة مالك وغيره، وهذا غير صحيح لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث أن يكفر بعد إسلامه أو يزني بعد إحصانه أو يقتل نفسا بغير حق». ولو صح الخبر لوجب أن يحمل على أنه خرج على وجه التغليظ كقوله في شارب الخمر: اقتلوه. تغليظا وزجرا، والله أعلم.
وذهب أهل العراق إلى أنه تقطع يده اليمنى ثم رجله اليمنى ولا يقطع منه شيء بعد ذلك. واتفق جمهور السلف والخلف من أهل الحجاز والعراق على قطع الرجل بعد اليد وإن كان الله عز وجل لم يذكر في كتابه إلا الأيدي للسنة الثابتة في ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وشذت طائفة من التابعين وبعض أهل الظاهر فلم يروا أن تقطع من السارق إلا الأيدي لا أكثر، وهو مذهب الخوارج.
فصل
في حد القطع في السرقة
وتقطع يد السارق من الكوع لا خلاف بين أهل العلم في ذلك. واختلفوا في الرجل، فالذي عليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجل أهل العلم أنه يقطع من المفصل الذي في أصل السارق. وقال في المدونة: تحت الكعبين ويبقى الكعبان في الساقين. وقال في كتاب ابن شعبان: بين الكعبين، وقيل إنه يقطع من المفصل الذي في وسط القدم ويترك له العقب حكاه ابن شعبان عن علي وابن عباس وعطاء وابن جعفر. وقال إنه موضع يحتمل الاختلاف لأن المفصل الذي في وسط القدم هو أول المفاصل الذي يأتي على جميع أصابع الرجل، كما أن الرسغ هو أول المفاصل الذي يأتي على أصابع اليد، فشبهوا هذا بهذا. هذا معنى قوله دون لفظه. والله أعلم.