فصل
في السراق يجتمعون على
سرقة النصاب
القطع بإخراجه من الحرز، سرقه واحد من واحد، أو جماعة من جماعة، أو جماعة من واحد، أو واحد من جماعة إذا تعاونوا في إخراجه لحاجتهم على التعاون في ذلك، كما يقتل الواحد بالواحد والجماعة بالجماعة والواحد بالجماعة والجماعة بالواحد، وكما تقطع اليد باليد والأيدي بالأيدي والأيدي باليد واليد بالأيدي. وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا تقطع الجماعة بالسرقة وإن تعاونوا عليها حتى يكون في حظ كل واحد منهما ما يجب فيه القطع، كل على مذهبه في النصاب، وتقتل الجماعة بالواحد، فناقضوا، والمناقضة للشافعي ألزم لأنه يقول: إن الجماعة تقتل بالواحد وإن الأيدي تقطع باليد. لأن النفس لا تتبعض واليد تتبعض فإنما قطع كل واحد منهم بعضها. وكذلك النصاب يتبعض عنده فإنما سرق كل واحد منهم بعضه. ونقض الشافعي في هذه المسألة أيضا أصله في قوله: إن عشرين رجلا إذا ملكوا عشرين مثقالا وكانوا شركاء فيها إن الزكاة واجبة عليهم لاشتراكهم في النصاب، وهذا بين في التناقض، ومن أصل أصلا فاسدا يبني عليه انهدم بنيانه. ولا اختلاف أحفظه في سرقة الواحد ما يجب فيه القطع من الجماعة المشتركين أنه يقطع، كما لم يختلفوا أن العبد يقتل بالعبد وإن يده تقطع بيده وإن كان العبد المقتول أو المقطوع يده لجماعة. واتفاقهم على هذا يقضي بصحة مذهب مالك في أن الجماعة تقطع إذا تعاونت في سرقة النصاب، لأن القطع إنما وجب لحرمة النصاب المسروق على الوجه الموصوف، كما وجب القصاص من النفس أو اليد لحرمتها، فوجب أن يتساوى ذلك كله في الواحد من الواحد والجماعة من الجماعة والواحد من الجماعة والجماعة من الواحد. فرحم الله مالك بن أنس فإنه كان أمير المؤمنين في الرأي والآثار، وأعرف الناس بالقياس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.