الوازنة خلاف الزكاة. والفرق بينهما أن الزكاة الاحتياط فيها إيجابها، والسرقة الاحتياط فيها ترك القطع. وأما إن كان النقص فيها نحو الحبتين من كل درهم فقد قال أصبغ: إن ذلك يسير يقطع، معناه عندي إن كانت تجوز بجواز الوازنة. وقال أبو إسحاق التونسي قول أصبغ وإن كانت لا تجوز بجواز الوازنة. وإن كان هذا ظاهره فيقال: إن معناه خلاف ظاهره، والله تعالى أعلم.

فصل

ومذهب الشافعي في هذا قريب من مذهب مالك، لأن النصاب عنده في القطع ربع دينار فلا يقطع على مذهبه إلا من سرق ربع دينار ذهبا أو قيمته من العروض أو الدراهم، وهو قول محمد بن عبد الحكم من أصحاب مالك، حكاه عنه ابن حارث.

فصل

وأما أهل العراق فلا يرون أن تقطع يد السارق في أقل من مثقال أو عشرة دراهم. ومنهم من يراعي المثقال دون العشرة دراهم فلا يوجب القطع على من سرق عشرة دراهم أو أكثر إذا كانت قيمتها أقل من مثقال. ومنهم من يراعي العشرة دراهم دون المثقال فلا يوجب القطع على من سرق مثقالا أو أكثر منه إذا كانت قيمته أقل من عشرة دراهم، وهو مذهب أبي حنيفة. وأصلهم في هذا ما «رواه ابن عباس وعمرو بن العاص أن ثمن الذي قطع فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عشرة دراهم.» قالوا: فهذان صاحبان قد خالفهما ابن عمر في قيمة المجن، فالأولى ألا تستباح يد أحد إلا بيقين. وهذا لا يلزم، لأنه يحتمل أن يكون قضية أخرى في مجن آخر فلا تتعارض الآثار، لأنه إذا وجب القطع في ثلاثة دراهم فلا شك أنه يجب في عشرة دراهم، وهذا بين، وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015