درهم وقال: اقض دينك». ونحن نجيز بيع المدبر إذا صادف عقد تدبيره دينا على سيده. وقد روي أيضا من طريق جابر بن عبد الله «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باع مدبرا في دين». واختلفت تأويلات أصحابنا، فمنهم من قال إن الحديث الأول يفسره لأنه هو بعينه، ومنهم من قال: هو حديث آخر، ومعناه أنه باعه بعد الموت في دين، إذ لم يذكر في الحديث أنه باعه عليه في حياته. وولاية النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بيعه من أدل دليل على أنه إنما باعه عليه في حق لازم، لأن الإمام لا يلي بيع مال أحد إلا في موضع الحكم. فإن كان بيعه عليه في حياته فلدين سبق التدبير والله أعلم. وقد روي أيضا من رواية جابر بن عبد الله عن «النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه باع خدمة المدبر» فيحتمل أن يكون هذا معنى الحديث وإنما تجوز الراوي في اللفظ إذ الإجارة بيع من البيوع. وكذلك حديث عائشة الذي احتجوا به في إجازة بيع المدبر لا حجة لهم فيه لأن السحر الذي فعلته يوجب القتل فكيف بالبيع. ويحتمل أن يكون العتق يبطل بقصدها إلى استعجاله قبل وقته بما لا يجوز لها كالنكاح في العدة يمنع من النكاح بعدها، وكالقاتل عمدا يمنع الميراث، لأنه أراد استعجاله قبل أن يجب له. وأيضا فقد روي أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رد بيع هذه المدبرة وطلبها فلما لم يجدها جعل ثمنها في مدبرة. وحكمه- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بذلك في ملأ خير القرون وهم حضور متوافرون دليل على إجماعهم على أن بيع المدبرة لا يجوز، والإجماع أصل يجب المصير إليه والعمل به.

فصل

ومما احتج به أصحابنا في وجوب التدبير والمنع من بيعه أن المدبر لما انتقل اسمه بعقد الحرية الذي عقد له سيده وجب أن ينتقل حكمه وألا يجوز بيعه كالمكاتب لما انتقل اسمه انتقل حكمه ولم يجز بيعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015