بعتقه على مذهبه لأن العتق لم يقع عليه بعد. وإنما نذر أن يعتقه فوجب عليه الوفاء لله بنذره، والوفاء لا يحصل إلا بنية التقرب بعتقه والوفاء لله بنذره. فلو أعتق عليه بغير اختياره لم يكن ذلك وفاء لنذره لعدم نيته التقرب بعتقه، وكان قد حيل بينه وبين الوفاء بالنذر، إذ لا يستطيع أن يعتقه مرة أخرى إن كانت الرقبة بعينها، فهذه علة مالك في منعه من الحكم عليه بالمعتق. والله أعلم. وقال أشهب: يؤمر أن يعتقه، فإن وعد بذلك ترك وتلوم له، وإن أبى من عتقه وقال: لا أعتقه ولا أفي لله بنذري فيه؛ عتق عليه. وقول مالك هو القياس، ومذهب أشهب استحسان. وكذلك لو نذر أن يعتق رقبة معينة لم يحكم عليه بعتق رقبة لأنه لو حكم عليه بها لم تجزه عن الرقبة الواجبة عليه وكان عليه أن يعتق رقبة ثانية بنية التقرب لله والوفاء بالنذر.

فصل

وأما العتق في المرض فيكون في الثلث بإجماع من أهل العلم، ويوقف حتى يموت ولا ينفد عتقه في حال المرض إلا أن تكون له أموال مأمونة على الاختلاف في مراعاة المال المأمون. والأصل في ذلك ما ثبت «أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته فأسهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهم فأعتق ثلث تلك الرقيق». وإنما اختلف الناس في هبات المريض وصدقاته، فالذي ذهب إليه مالك وفقهاء الأمصار وجمهور أهل العلم أن ذلك من الثلث. وذهب أهل الظاهر إلى أن هباته وأعطياته جائزة، وأن تصرفه صحيح في ماله. ودليلنا العتق أنه من الثلث، وهبة المريض لوارثه أنها لا تجوز. وإنما لم تجز له الهبة في المرض لأن الوصية لا تجوز له، فكذلك الأجنبي لا يكون له أكثر من الثلث، لأن الزائد على الثلث لا يجوز له بعد الوصية. فإن عارض معارض في هبة المريض لوارثه دليلنا عليه بإجماع الصحابة في قول أبي بكر لعائشة: لو حددته أو حزته لكان لك، وإنما هو اليوم مال الوارث.

فصل

وأما العتق بعد الموت فإنه من الثلث بإجماع، وهو يكون على أربعة أوجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015