وأما الحالف على فعل غيره فلا يخلو أيضا من وجهين:
أحدهما: أن يحلف عليه بعتق عبده ألا يفعل فعلا.
والثاني: أن يحلف عليه بعتق عبده أن يفعل فعلا.
فأما إذا حلف عليه ألا يفعل فعلا مثل أن يقول: عبدي حر إن دخل فلان الدار أو إن قدم أبي وما أشبه ذلك، فهو كالحالف على نفسه ألا يفعل فعلا بعتق عبده. وأما إذا حلف عليه بعتق عبده أن يفعل فعلا، مثل أن يقول عبدي حر إن لم يحج أبي أو إن لم يقدم فلان أو إن لم يهب لي دينارا وما أشبه ذلك. فإن سمى أجلا كان ذلك كالحالف على فعل نفسه في جميع الوجوه، وإن لم يسم أجلا فإن قول ابن القاسم اختلف في ذلك، فمرة قال: إنه كالحالف على نفسه في الوجوه كلها، ومرة جعله بخلاف الحالف على نفسه فقال: إنه يُتلوم له على قدر ما يرى أنه أراد بيمينه. واختلف هل له أن يطأ إن كانت أمة في أيام التلوم، فقال ابن القاسم: لا يطأ، وإن مات عتقت في ثلثه؛ لأنه مات على حنث وقال أشهب في كتاب ابن المواز: إنه يطأ في أيام التلوم، وهو على قياس قوله في المدونة: إنه لا يعتق إذا مات في التلوم. ومرة فرق بين قوله: عبدي حر إن لم يحج فلان، وعبدي حر إن لم يهب لي فلان دينارا، فيتلوم له في قوله: عبدي حر إن لم يهب لي فلان دينارا، ولا يتلوم له في قوله: عبدي حر إن لم يحج فلان، ولكن يمنع من بيعه ومن الوطء إن كانت أمة، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الأيمان بالطلاق من العتبية.
فصل
وإذا أنذر الرجل العتق فقال: لله علي أن أعتق عبدي هذا، أو: لله علي نذر عتق عبدي هذا، أو قال: لله علي عتق رقبة أو نذر عتق رقبة، فإن ذلك لازم لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه». إلا أنه لا يحكم عليه بعتقه على مذهب مالك. وإنما لم يحكم عليه