أحق بصقبه»، وأنه قال: «الجار أحق بشفعة جاره»، وأنه قال: «الخليط أحق من الشريك». قالوا ومن طريق القياس أن ملك الجار متصل بالملك المبيع، لأن موضع الحائط الحاجز بين الدارين مبيع. وقد اتصل ذلك بملك الشفيع فأشبه الشريكين لما كان ملك كل واحد منهما متصلا بملك الآخر كانت الشفعة واجبة لكل واحد منهما. وهذا كله ليس بصحيح، لأن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الجار أحق بصقبة» و «الجار أحق بشفعة جاره»، ليس فيه بيان ما هو أحق به، فيحتمل أن يريد معاونته على ما يعرف له، والعرض عليه إذا أراد البيع. ويحتمل أن يريد بالجار الشريك للمقاربة التي بينهما، لأن العرب تسمي الجار شريكا، وتسمي الزوجة شريكة وجارة لاشتراكهما في البيت. وإذا احتمل الحديث هذين الاحتمالين لم يصح أن يحمل على أنه أحق بالشفعة، إذ قد نص على أنه لا شفعة له بقوله «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة». ولا يصح أن تحمل الأحاديث على التعارض ما أمكن الجمع بينهما بتأويل محتمل وقد قال بعض من احتج عليهم: ولا يصح أن يحمل قوله «الجار أحق بصقبه» و «الجار أحق بشفعة جاره» على الوجوب في الأخذ بالشفعة إن حملت الجار على حقيقة اللفظ ولم تحمله على الشريك، إذ لا يخلو أن يريد أنه أحق بذلك من الشريك أو أحق بذلك من الأجنبي الذي ليس بجار ولا شريك، ولا يصح أن يريد أنه أحق بذلك من الشريك، إذ لا يقول أحد إن الشفعة للجار دون الشريك؛ ولا أنه أحق بذلك من غير الجار، إذ لا يقول أحد إن الشفعة واجبة للأجنبي الذي ليس بجار ولا شريك. وليست بحجة صحيحة لاحتمال أن يريد أنه أحق بذلك من المشتري، فالحجة عليهم إنما هي ما ذكرناه من أن الأحاديث لا يصح أن تحمل على التعارض ما أمكن الجمع