والثاني: أن الشفعة إنما تكون بين الشركاء فيما ينقسم من الأصول دون ما لا ينقسم.
والثالث: أن الشفعة إنما تكون بين الشركاء في الرباع والأصول دون سائر العروض وبالله التوفيق.
فأما الوجه الأول، وهو أن الشفعة إنما تكون بين الشركاء وأن لا شفعة للجار وإن كان جديدا له في المال إذا لم يشاركه فيه على الإشاعة فيستدل عليه بثلاثة أوجه من الحديث:
أحدها: نص الكلام.
والثاني: دليل الخطاب.
والثالث: الظاهر والعموم.
فأما النص فهو قوله «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة».
وأما دليل الخطاب فهو أنه لما علق الشفعة بعدم القسمة فقال الشفعة فيما لم ينقسم بين الشركاء دل على انتفائها مع وجودها وهذا بين.
وأما الظاهر والعموم فإنه لما قال الشفعة فيما لم يقسم، والشفعة من ألفاظ العموم المستغرقة للشفعة كان قد جعل جنس الشفعة فيما لم يقسم فلم يبق فيما قد قسم شفعة. وهذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - والشافعي وأصحابهما أنه لا شفعة للجار. وأثبت أبو حنيفة للجار المصاقب الشفعة ما لم يكن بينها طريق نافذة، ولغير المصاقب إذا اشتركا في طريق غير نافذة. فأولى الناس بالشفعة عندهم الشريك الذي لم يقاسم، ثم الشريك المقاسم إذا بقيت له في الطريق شركة، ثم الجار الذي ليس بمصاقب إذا كان شريكا في طريق غير نافذة. وحجتهم ما روي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الجار