يبيع ويبتاع ويتقاضى حتى يعزله الورثة. وقال أصبغ تفسخ الوكالة بموت الموكل ولا تجوز خصومته ولا القيام بشيء مما كان إليه حتى يوكله الوارث. ووقع لأصبغ في سماعه من كتاب البضائع والوكالات أن الوكالة تنفسخ بموته إن كان هو البائع ولا يجوز له أن يتقاضى الثمن إلا بتوكيل الورثة، وإن لم يكن هو البائع وكان الوكيل هو الذي ولي البيع فهو على وكالته يقبض ثمن ما باع حتى يعزله الورثة. ولم أعلمهم اختلفوا أن القاضي لا ينفسخ تقديمه بموت الإمام الذي قدمه للقضاء، وأنه على خطته حتى يعزله عنها الإمام الذي يلي الأمر بعده. فانظر ما الفرق بين ذلك.
وإذا مات الموكل على القول الذي يرى فيه أن الوكالة تنفسخ بموته ولم يعلم الوكيل بموته، أو عزل ولم يعلم بعزله فاختلف هل يكون معزولا بنفس الموت أو العزل أم لا على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون معزولا بنفس الموت أو العزل. وهذا قول ابن القاسم في كتاب الشركة من المدونة في الذي يحجر على وكيله فيقتضي من غرمائه بعد عزله وهم لا يعلمون بذلك إنهم لا يبرءون بالدفع إليه وإن لم يعلم هو بعزله. هذا هو ظاهر قوله وعلى هذا كان الشيوخ يحملونه. وعلى ذلك حمله أبو إسحاق التونسي. فإذا لم يبرأ الغرماء بالدفع إليه فكذلك لا يبرأ هو ويكون للغرماء أن يرجعوا عليه إن تلف المال بيده لأنه أخطأ على مال غيره. فهذا يبين أن الوكالة تنفسخ في حقه هو ومن عامله أو دفع إليه بنفس الموت أو العزل.
والثاني: أنه لا يكون معزولا في حق أحد إلا بوصول العلم إليه فيكون معزولا في حقه بوصول العلم إليه وفي حق من دفع إليه أو بايعه بوصول العلم إليه. وهذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في أول كتاب الوكالات من المدونة إن الورثة يلزمهم ما باع الوكيل أو اشترى بعد موته قبل أن يعلم به كما يلزمهم ما اشترى قبل موته أو باع. وكذلك يبرأ- من دفع إليه إذا لم يعلم بموت الموكل على قياس قولهم.