فقال: وفعل الوكيل فعل موكله لأن من حلف ألا يفعل فعلا فوكل غيره على فعله حنث، واحتج لذلك بقول الله عز وجل: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]. وقَوْله تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] قال فكان فعل ملك الموت هو فعل الله عز وجل. وهذا كلام بغير تحصيل في غاية من الفساد. أما فعل ملك الموت فهو فعل الله تعالى لأنه خالقه وفاعله حقيقة، وكذلك أفعال سائر العباد، الله هو خالقها وفاعلها. قال الله تبارك وتعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] وقال عز من قائل: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك: 13] {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. وأما فعل الوكيل فلا يجوز أن يكون فعل الموكل وإنما هو كفعله في وجوب الحكم فيه، ولا يقال ضرب السلطان أو قتل أو كتب لما لم يفعله بيده وإنما أمر به غيره إلا مجازا لا حقيقة، فكيف يصح قياس فعل الموكل والوكيل من المخلوقين بأفعال الخالق تعالى. وما يستقيم هذا الاحتجاج إلا على مذهب أهل القدر القائلين إن أفعال العباد مخلوقة لهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ولو تدبر ابن شعبان هذا الكلام لما تكلم به، ولكنها غفلة وغلط، وليس أحد بمعصوم من الخطأ والغلط، وبالله التوفيق لا شريك له ولا ند.
واختلف إذا مات الموكل هل تنفسخ وكالة الوكيل بموته أم لا. فحكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون أن وكالته لا تنفسخ وأنه باق عليها