تصدق به عليه وفاء دينه، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك». قالوا ولو كان له حق أن يرجع على البائع، لقال ذلك له، وهذا لا حجة لهم فيه كما قلنا لأنه حكاية عن فعل وقضية في عين، فيحتمل أن يكون أصيبت بعدما استجدت أو أصيب منها ما دون الثلث أو سرقة أو غير ذلك مما لا يوجب له الرجوع على البائع، أو يكون البائع لم يوجد أو لم يكن له ماله، وإذا احتمل الحديث هذه الاحتمالات، بطل الاحتجاج به؛ واحتجوا أيضا بما روي «أن رجلا ابتاع ثمر حائط فعالجه وقام فيه حتى تبين له النقصان، فسأل رب الحائط أن يضع عنه أو يقيله، فحلف ألا يفعل؛ فذهبت أم المشتري إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت ذلك له فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تألى ألا يفعل خيرا، فسمع ذلك رب الحائط فأتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله هو له» ... ولم ينقل أنه أجبره على ذلك، بل ظاهر قوله: «تألى أن لا يفعل خيرا»، أنه على وجه الطوع وهذا لا حجة لهم فيه أيضا، لأنه لم يذكر في الخبر أن جائحة أصابته، فلعله إنما كان خسرانا في الثمن، وحوالة في الأسواق: وهو الظاهر من قوله: فعالجه وقام فيه حتى تبين له النقصان؛ وهذا لا يوجب على البائع شيئا، واحتجوا لذلك أيضا بالقياس على العروض والحيوان. وهذا لا يلزم، لأن العروض والحيوان لم يبق على البائع فيها بعد القبض حق توفية، وليس كذلك الثمار؛ لأنه قد بقي عليه فيها حق توفية، بدليل أن الجائحة لو أصابتها من قبل العطش لكانت من البائع - وفاقا، فليست التخلية بمجردها قبضا تاما، ولو كانت مقبوضة للمشتري بمجرد التخلية، لكان ضمانها منه كالعبد والثوب.
وأما معرفة حال وضعها، فإنه يجب وضع الجائحة في الثمرة إذا أجيحت في حال يفتقر فيه إلى بقائها في الأصول، وذلك أن الجائحة في الثمرة إنما وجب