وما أشبه ذلك من الطعام؛ فلا يخير فيه عنده لما يدخله من الربا، ويكون ذلك فوتا يلزم الغاصب فيه المثل أو القيمة فيما لا مثل له.
وأما الوجه الثاني وهو ألا يكون أخرج الغاصب فيما أحدثه في الشيء المغصوب سوى العمل فإن ذلك ينقسم على وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك يسيرا لا ينتقل به الشيء عن اسمه مثل الخياطة في الثوب أو الرفوله، وما أشبه ذلك.
والثاني: أن يكون العمل كثيرا ينتقل به الشيء المغصوب عن ذلك الاسم كالخشبة يعمل منها تابوتا أو أبوابا، أو القمح يطحنه أو الغزل ينسجه أو الفضة يصوغها حليا، أو يضربها دراهم، وما أشبه ذلك.
فأما الوجه الأول فلا حق فيه للغاصب ويأخذ المغصوب منه الشيء المغصوب معمولا.
وأما الوجه الثاني: فهو فوت يلزم الغاصب قيمة الشيء المغصوب يوم غصبه، أو مثله فيما له مثل؛ هذا تحصيل مذهب ابن القاسم في هذا الوجه.
وأشهب يجعل في ذلك كله أصله مسألة البنيان فيقول إنه لا حق للغاصب فيما لا يقدر على أخذه من الصبغ والرفو والنسج والدباغ والطحن وعمل التابوت والأبواب من الخشبة، وما أشبه ذلك. وقد روي عن ابن القاسم أن الصبغ تفويت يلزم الغاصب به القيمة يوم الغصب، ولا يكون للمغصوب منه أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذ الثوب؛ وكذلك ما أشبه الصبغ؛ وقد قيل إنهما يكونان شريكين بقيمة الصبغ وقيمة الثوب إن أبى رب الثوب أن يدفع قيمة الصبغ، وأبى الغاصب أن يدفع قيمة الثوب؛ وهذا القول أنكره في كتاب اللقطة من المدونة، وقال إن الشركة لا تكون إلا فيما كان بوجه شبهة.