والثاني: ألا يكون أخرج فيه من ماله سوى العمل كالخياطة والنسج وطحن الحنطة والخشبة يعمل منها ثوابت وأبوابها، وما أشبه ذلك.

فأما الوجه الأول وهو أن يخرج فيه من ماله ما له عين قائمة فينقسم على وجهين:

أحدهما أن يكون ذلك الشيء يمكنه إعادته، على حاله كالبقعة بينهما وما أشبه ذلك.

والثاني أن لا يقدر على إعادته على حاله كالثوب يصبغه أو الجلد يدبغه أو السويق يلته، وما أشبه ذلك.

فأما الوجه الأول: فالمغصوب منه مخير بين أن يأمر الغاصب بإعادة البقعة على حالها وإزالة ما له فيها من نقض إن كان له فيها نقض، وبين أن يعطي الغاصب قيمة ما له فيها من النقض مقلوعا مطروحا بالأرض بعد أجر القلع - قال ابن شعبان، وإليه ذهب ابن المواز. وهذا إذا كان الغاصب ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا بعبيده، وإنما يستأجر عليه؛ وقيل له لا يحط من ذلك أجر القلع على مذهب ابن القاسم في المدونة، وإلى هذا ذهب ابن دحون، واعتل في ذلك أن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أن يأخذه بالقيمة بعد الهدم، وإن لم يكن في البنيان الذي بنى الغاصب ما له قيمة إذا قلعه لم يكن للغاصب على المغصوب منه شيء لأن من حقه أن يلزم الغاصب هدم البناء وإعادة البقعة إلى حالها؛ فإذا أسقط حقه قبله في ذلك، فلا حجة له؛ ويؤيد ذلك قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس لعرق ظالم حق».

وأما الوجه الثاني فهو فيه مخير بين أن يدفع قيمة الصبغ وما أشبهه ويأخذ ثوبه، وبين أن يضمنه قيمة الثوب يوم غصبه، إلا في السويق الذي يلته بالسمن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015