فإنما كان يصح الاحتجاج بظاهر هذا الحديث في وجوب الضمان لو قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجاوبا لصفوان إذ قال له أعارية مضمونة أو مؤداة -: «العارية مضمونة مؤداة»، وأيضا فإن في مقابلة هذا الحديث ما روي عنه أنه قال: «بل عارية مؤداة»، فنفى الضمان وأوجب الأداء؛ إلا أن للقائل أن يقول إن هذه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة؛ وكذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه»، إنما تفيد مع بقاء العين، فأما مع تلفها فلا يصح ولا يجوز حمله على القيمة، لأنه لم يجر لها ذكر، ولأنه إنما أوجب أداء ما أخذت اليد - واليد لم تأخذ القيمة.
فأما ما يدل على صحته من جهة النظر والاعتبار، فإن الأسباب التي تقبض بها الأعيان لاستيفاء المنافع على وجهين:
أحدهما: عقد فيه بدل وهو الإجارة.
والآخر عقد لا بدل فيه - وهو العارية.
والإخدام والبدل مؤثر في الضمان، وسبب لتعلق ضمان البدل؛ فإذا كان المقبوض لاستيفاء المنفعة بإذن مالكه ببدل مضمون، وسبب مؤثر في وجوب الضمان، لا يوجب ضمان العين، فما لم يقبض ببدل أولى ألا يكون مضمونا.
فصل
ووجه قول من أوجب الضمان وإن قامت البينة على التلف: أن أصله مأخوذ على الضمان، فلا ينتقل على أصله حسما للباب؛ والرواية الأولى أصح على ما قدمناه، لأن قيام البينة ينفي التهمة والتفريط، وذلك معنى يسقط الضمان.
فصل
فإن اشترط المستعير ألا ضمان عليه فيما يغاب عليه فشرطه باطل وعليه