كأسباب، ولعلّ الله تعالى أراد أن يزيد في أجورهم ويرفع في درجاتهم بمثل ذلك العمل، لعظيم بلائهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتعرف الأمّة من بعدهم ما جعل الله لهم من الفضل عليهم أن كانوا سببا في حفظ دينهم بحفظ هذا القرآن، فجازى الله أبا بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم من إخوانهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفظ هذا القرآن عن أمّة الإسلام أفضل ما يجازي به أولياءه الصّالحين.
جمع القرآن في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم حصل على صورتين:
وقدوة النّاس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنّه لم يكن يكتب، ولا يقرأ من كتاب، إنّما كان يقرأ القرآن حفظا.
فعن عبد الله بن عبّاس، رضي الله عنهما، في قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16 [القيامة: 16]، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعالج من التّنزيل شدّة، كان يحرّك شفتيه، فأنزل الله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ 17، قال: جمعه في صدرك ثمّ تقرأه، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18 قال: فاستمع وأنصت، [ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ 19] ثمّ إنّ علينا أن