وكان ابن عبّاس يطلق اسم (النّسخ) على ما أفادت الآيتان الأوليان من الإباحة المضيّقة للخمر، فكان يقول:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى، ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، نسختهما الّتي في المائدة: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ الآية (?).
فهذا الّذي جاءت به هذه الآيات لم يكن نسخا لشيء، إنّما كانت الخمر قبل نزول هذه الآيات مباحة، لكونها ممّا كان النّاس يتعاطونه كسائر مشاربهم المباحة بأصلها، إذ لم يرد المانع، فلمّا نزلت آية البقرة دلّت النّاس على ما فيها من الضّرر وأخرجتها من دائرة الإباحة المطلقة إلى إباحة مضيّقة، فلمّا نزلت آية النّساء زادت في التّضييق ولم تحرّم تحريما مطلقا، فلمّا