ففي الآية الأولى نهى الله عزّ وجلّ عن دخول بيوت الآخرين قبل الاستئذان، وذلك شامل بلفظه لجميع بيوتهم، ثمّ خصّ من النّهي ما كان من تلك البيوت غير مسكون يدخله الإنسان لتحصيل حاجة، فأباح دخوله دون استئذان.
فسمّى ابن عبّاس التّخصيص نسخا مع استمرار العمل بالنّصّ الأوّل.
وذلك بورود النّصّ بلفظ يتناول شيئا أو شخصا غير محدّد، فيأتي في موضع آخر ما يحدّده.
مثاله: قول قتادة وغيره من السّلف في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102] قالوا: نسخت بقوله تعالى:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التّغابن: 16] (?).
أمر الله تعالى بالتّقوى أمرا مطلقا في الآية الأولى، ومقيّدا بالاستطاعة في الآية الثّانية، والقاعدة في هذا بناء المطلق على المقيّد، وفي القيد تضييق