فقد كانوا يطلقون لفظ (النّسخ) على ما هو أوسع من ذلك.
ولمّا تكرّر استعمال السّلف قبل الشّافعيّ لعبارات النّسخ في كلامهم على وجوه مختلفة من المعاني، فإنّه ينبغي الوقوف على مرادهم بذلك، وحاصل القول فيه أنّه واقع على ما يمكن تقسيمه إلى قسمين:
الأوّل: نسخ كلّيّ.
وهو النّسخ بالمعنى الأصوليّ، وستأتي في هذا الباب جملة من أمثلته.
والثّاني: نسخ جزئيّ، وهذا على خمسة أنواع:
وذلك بورود النّصّ بلفظ يدلّ على استيعاب جميع ما يتناوله ذلك اللّفظ، ثمّ يأتي التّخصيص فيخرج به بعض أفراد ذلك العامّ ويبقى ما سواه مرادا باللّفظ.
مثاله: خبر ابن عبّاس، رضي الله عنهما، قال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا الآية [النّور: 27]، ثمّ نسخ واستثنى من ذلك: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ [النّور: 29] (?).