بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة أَن نَفرا من بني النَّضِير خَرجُوا إِلَى مَكَّة بعد وقعتهم الْمَشْهُورَة فألبوا قُريْشًا عَلَيْهِ ودعوهم إِلَى حربه وَالْخُرُوج إِلَيْهِ وثابروا على جمع الْأَحْزَاب وَسعوا فِي تأليف الْأَحَابِيش والأعراب فَأمر بِحَفر خَنْدَق حول الْمَدِينَة بِإِشَارَة من سلمَان وحفر فِيهِ بِيَدِهِ الْكَرِيمَة ترغيبا لأهل الْإِيمَان فَبَالغ الْمُسلمُونَ فِي الْعَمَل ودأبوا فِيهِ بضع عشرَة لَيْلَة حَتَّى كمل وَخرج فِي ثَلَاثَة آلَاف من أوليائه وَجعل الخَنْدَق حاجزا بَينه وَبَين أعدائه
وَأَقْبل أَبُو سُفْيَان بن حَرْب يَقُود الْمُشْركين الْحَافِّينَ بِهِ من جِهَة الشرق والغرب وهم قُرَيْش وسليم وَبَنُو أَسد وَمن مَعَهم وَبَنُو فَزَارَة وَأَشْجَع وَبَنُو مرّة وَمن تَبِعَهُمْ فَنزل فِي عشرَة آلَاف نفر وَصَارَ إِلَيْهِم من بني قُرَيْظَة من نقض الْعَهْد وغدر
وَعظم الْخطب وَاشْتَدَّ الْأَمر وَنجم نفاق من يخْشَى على الْيَاقُوت من الْجَمْر
وَأقَام الْمُشْركُونَ نَحْو شهر على الْحصار وَلَيْسَ بَين الْفَرِيقَيْنِ غير الرَّمْي