يحجا بيت الله، ويمرا بالمغرب ثم بتونس، وفى الأخيرة يكرمهما حكامها وأدباؤها وخاصة أبا العباس التيفاشى، ثم يرحلان إلى الإسكندرية عام 639 هـ ويظلان بها لتعذر حجهما هذا العام. ويتوفى موسى عام 640 هـ، ويبقى علىّ وحيدا يشقى بغربته ووحدته، وكان يخفف منها صلاته القوية برجال مصر وخاصة بجمال الدين ابن يغمور نائب السلطان الأيوبى فى مصر وحلب، ويؤلف له ابن سعيد كتابه «رايات المبرزين» .
وحين يفد القاضى والعالم والمؤرخ والوزير كمال الدين بن العديم عام 644 هـ رسولا من الملك الناصر يوسف الأيوبى صاحب حلب والشام إلى السلطان الملك الصالح نجم الدين الأيوبى سلطان مصر يجمع الحظ بين الرجلين ويعجب كل منهما بالآخر، فيعرض ابن العديم على ابن سعيد السفر معه إلى حلب، ليقدمه إلى الملك الناصر الذى كان محبا للأدب والأدباء وكان شاعرا.
ويسافر ابن سعيد إلى دمشق، ومنها إلى الموصل وبغداد، ثم يعود إلى دمشق عام 648 هـ ليلقى الملك توران شاه وهو فى طريق عودته إلى مصر ليخلف أباه الملك الصالح على عرشها، وقد أدناه توران شاه منه وأكرمه. ويؤدى ابن سعيد فريضة الحج التى كان قد خرج من الأندلس مع والده كى يؤدياها أول الأمر، ثم يعود إلى تونس عام 652 هـ ويتصل بخدمة أميرها المستنصر الحفصى، إذ كان صديقا له منذ مروره عليه فى أول رحلته مع والده، ويبقى بها حتى عام 666 هـ، ولكنه يرحل ثانية إلى المشرق، ولا نعلم الدافع إلى هذه العودة، وهى التى يذكر فيها بعض المؤرخين أنها ربما كانت التى دخل فيها إيران وأوغل فيها نحو الشرق «1» ولكن سرعان ما يعود إلى تونس مرة ثالثة فيبقى فيها حتى يوافيه أجله عام 685 هـ «2» وقد ترك ابن سعيد وراءه مؤلفات عديدة وصل إلينا بعضها، وفقد البعض