أمام أنظارهم. وأهم هؤلاء المقرى فى «نفحه» «1» وابن شاكر الكتبى فى «فواته» «2» وجاء المحققون المعاصرون «3» ليعتمدوا على ما كتبه الأوائل وعلى كتب ابن سعيد نفسها ليعرضوا أمامنا سيرة حياة هذا الرجل وقيمة مؤلفاته من ناحيتيها التاريخية والأدبية. وبهذا أصاب ابن سعيد شهرة فى عصرنا لا تقل عن شهرته أيام معاصريه. وأصبحت كتبه عمدة فى النصوص الأندلسية وتراجم رجالها ممن ضاعت مع الزمن دواوين أشعارهم، وجوهر موشحاتهم وأزجالهم.
ونكتفى بتعريف مختصر لابن سعيد كما فعل لنفسه، غير أن ما هو أكثر أهمية الآن قيمة ما سجل ابن سعيد من تاريخ وأدب، وقيمة ابن سعيد نفسه كمؤرخ وأديب.
ولد علىّ بن موسى بن سعيد فى قلعة يحصب أو قلعة بنى سعيد بغرناطة عام 610 هـ. من أسرة عريقة فى النسب والمجد والرئاسة، أما نسبه فينتهى إلى عمار بن ياسر الصحابى الجليل، وأما جده الأكبر عبد الملك فكان مواليا للمرابطين حتى ثارت عليهم الأندلس عام 539 هـ فامتنع فى قلعته واستمر ممتنعا بها حتى خضع لدولة الموحدين التى حلت محل المرابطين. وقد اتخذ عثمان بن عبد المؤمن ابنه أبا جعفر أحمد وزيرا له وكان شاعرا مرموقا. وكان محمد أخوه مقدما عند يحيى ابن غانية آخر ولاة المرابطين ثم استوزره الموحدون بعد أن خضع لهم وولوه أعمال اشبيلية وغرناطة. وشب ابنه موسى على مثاله يعمل مع الموحدين وتحت لوائهم، ثم خرج عليهم وتولى أعمال الجزيرة الخضراء من قبل بنى هود.
غير أن اضطراب الحياة فى الأندلس صعّب على موسى الحياة بربوعها وهو سليل الأسرة القوية، فخرج متجها إلى المشرق عام 636 هـ يصحبه ابنه علىّ بنيّة أن