واستمالة طبقات الناس بالرغبة والرهبة إليه، والعمل على اختزان الخلافة عن أخيه محمد، بكر والده الأمير عبد الرحمن ومفضلهم المشار إليه إلى خالفتهم ابن طروب هذا، وسوقها إليه، يتأتى لذلك ويأتيه من جميع أبوابه، والقضاء يبعده عنه، ويسد دونه طرقه، وهو يرصد لوجبة الأمير عبد الرحمن مولاه، ليقضي في عبد الله قضاءه، فيملي لعبد الرحمن ويستأخر يومه، فيشق ذلك على الخصي ويرهب فوته، حتى سولت له نفسه اغتيال مولاه عبد الرحمن، وإلطاف التدبير عليه، كيما يتمكن من تقديم عبد الله مكانه، ولا يرهب الخلف عليه، لكثرة أنصاره من أهل الدار وغيرهم، وفشو صنائعه فيهم، فيتم له بابن طروب الاحتواء على الملك ويؤخر عنه محمد المرشح له وغيره ممن يطمع فيه.
فوثق في ذلك بالحراني الطبيب، وكان في عداد صنائعه وقدر منه - مع الوفاء - الشره إلى ما يبذله له، فخلا به، وذكره أياديه لديه، وتدارساً فيما ينويه له، وقال له: هل لك في إحراز حسن رأيي للأبد، وحوز جزيل صلتي للآخر؟ فقال له الحراني: هذه هي المنية التي لا وراءها طلبة! فمن لي بنيلها؟ فقال له: هذه ألف دينار معجلة بين يدي الجري بالحاجة، واعمل لي سؤر الملوك الذي يدني الأجل، ويقلب الدول، ودعني لمكافأتك إن انقضت حاجتي. فوالله لأتجاوزن بها ظنك!.
فأراه القبول لما بذله، والقيام بما كلفه.
وخرج عنه وقد عدلت البدرتان جناحيه، فعمل ذلك الخلط باسم الدواء المسهل كما رسمه له، وأجهد رأيه في تقويته، واحتال في أن دس في خفية إلى فجر خطية