البيضاوي في تفسيره: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه: كبائر الذنوب التي نهاكم الله عنها، قرئ على إرادة الجنس، نكفر
عنكم سيئاتكم: نغفر صغائركم ونمحها عنكم.
واختلف في الكبائر: والأقرب أن الكبيرة كل ذنب رتب الشارع عليه حداً، وصرح بالوعيد فيه، وقيل ما حرمته بقاطع، وقيل صغر الذنوب وكبرها، إضافة إلى ما فوقها وما تحتها، فأكبر الكبائر الشرك، وأصغر الصغائر حديث النفس، وبينهما وسائط، يصدق عليها الأمران، فمن عن له الأمران، ودعت النفس إليهما، بحيث لا تمالك، فغلبها عن أكبرهما كفر عنه ما ارتكب لما استحق من اجتناب الكبائر. وجعله حديث النفس من الصغائر مراده حيث حصلت المؤاخذة به، وذلك حيث يقارنه فعل ما حدث به نفسه لحديث الشيخين: إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به، وحديث مسلم: من هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، وفي رواية: كتبها الله عنده حسنة فما تركها من جراي أي من أجلي، فقضية ذلك أنه إذا تكلم بما همَّ به كالغيبة أو شرب المسكر أنضم إلى المؤاخذ بذلك المؤاخذة بالهم وهو المراد بحديث النفس، أما التصميم على فعل المعصية وهو العزم، فالعمل مؤاخذ به، وإن لم يفعل على الصحيح كما ذكره النووي، وأصرح مما ذكره البيضاوي في الدلالة على المقصود قول الإمام الغزالي في الكلام على التوبة إنَّ حكم الكبيرة أن الصلوات الخمس لا تكفرها، وإن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر، بموجب قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ}، ولكن اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة، إذا