وهي امرأة من بني عبد اللَّه بن غطفان، اسمها ليلى ولقبها سوداء كانت [تنزل] (?) الغميم من بلاد غطفان، وكان عقبة بن [كعب] (?) ينسب بها ثم علقها بعده ابنه العوام بن عقبة وكلف بها فخرج إلى مصر في ميرة فبلغه أنها مريضة فترك ميرته وكر نحوها وأنشأ يقول (?):
1 - وَخُبّرتُ سوْدَاءَ الغميم مَرِيضَةً ... فَأَقْبَلْتُ مِنْ أَهْلِي بِمِصرَ أَعُودُها
2 - فيَا لَيتَ شِعرِي هلْ تَغَيَّرَ بَعدَنَا ... مَلاحَةُ عَينَي أُمِّ يَحيَى وَجِيدُها
3 - وهلْ أَخْلَقَتْ أثْوَابُها بَعدَ جِدَّة ... ألا حَبَّذَا أخْلاقُها وجَدِيدُها
4 - ولم يبقَ يا سوداء شَيءٌ أحبّهُ ... وإنْ بَقِيَتْ أَغلامُ أرض وبيدُها
5 - فوَالله مَا أدرِي إذَا أنَا جِئْتها ... أَؤُبرئها مِنْ سُقْمها أم أزِيدُها
6 - مِنَ الخفَرَاتِ البِيضِ وَدَّ جَلِيسُها ... إذَا مَا انْقَضتْ أُحْدُوثَةٌ لو تُعِيدُها
7 - نَظَرتُ إليها نَظرَةً مَا يَسُرُّنِي ... بِها حُمرُ أنْعَامِ البِلادِ وسُودها
فلم يزل يتلطف حتى رأته ورآها وأومأت إليه أن ما جاء بك؟ فقال: جئت عائدًا حين علمت علتك، فأشارت إليه أن ارجع فإني في عافية فرجع لميرته (?) واستقربها المرض، فجعلت تتأوه إليه حتى ماتت، فبلغه الخبر، فقال:
8 - سَقَى جَدَثًا بَينَ الغَمِيمِ وزُلْفَةً ... أحمَّ الذُّرَى وَاهِي الغَزَالِي مَطِيرُها
9 - وإنْ تَكُ سَوْداءُ العَشِيةِ فَارَقَتْ ... فَقد مَاتَ مِلْحُ الغَانِيَاتِ ونُورُها
وهي أبيات كثيرة مستحسنة [وهي من الطويل] (?).
1 - قوله: "سوداء الغميم" بفتح الغين المعجمة وكسر الميم، وهو اسم موضع في بلاد الحجاز، وأراد بالسوداء هي ليلى التي كانت بالغميم، إما تسمى سوداء وإما تلقب، وفي رواية الحماسة: سوداء القلوب (?)، [وقال بعض شراحها: يجوز أن يريد بقوله: سوداء القلوب] (?) أنها تحل من القلوب محل السويداء منها، وكأن القلوب على اختلافها تميل إليها، ويجوز أن يكون المراد أنها قاسية القلب عليه فلذلك أطلق عليها سوداء القلوب (?).