وقيل: هو الصواب؛ لأن قبله هو قوله (?):

لَا صُلْحَ بَيني فَاعْلَمُوهُ ولَا ... بَينَكُمُ ما حَمَلَتْ عَاتقِي

سَيفي وَمَا كُنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قَرْقَرَ قُمْرُ الوَادِ بالشَّاهقِ

قلت: كلتا القافيتين مرويتان، ثم يحتمل أن يكون قائلهما واحدًا أو اثنين، ويكون الشطر الأول وهو قوله: "لا نسب اليوم ولا خلة" صادرًا منهما على توارد الخاطر أو على السرقة الشعرية وهي من السريع (?)، قوله: "ولا خلة" بضم الخاء، أي: ولا صداقة، قوله؛ "على الراقع" من رقع الثوب إذا أصلح الموضع المتخرق منه، قوله: "أنهج فيه البلى" يقال: أنهج الثوب إذا أخذ في البلى بكسر الباء من بلى الثوب يبلى إذا أخلق، قوله: "أعيا" من أعيا على الرجل أمره إذا صعب واشتد، قوله: "عاتقي" العاتق: موضع الرداء من المنكب، وإنما قال: حملت عاتقي بالتأنيث، لأن العاتق يؤنث ويذكر، وإن كان الأفصح تذكيره، وفيه التضمين وهو من عيوب الشعر (?)، وذلك لأن قوله: "سيفي" معمول لقوله: "حملت"، قوله: "قرقر" أي: صوت، يقال: قرقرت الحمامة قرقرة وقرقيرًا، قوله: "قمر الوادي" بضم القاف وسكون الميم وفي آخره راء، وهو إما جمع أقمر مثل: أحمر وحمر، وإما أن يكون جمع قُمْيري مثل: رومي وروم، وزنجي وزنج، وهكذا قال الجوهري، ثم أنشد البيتين المذكورين أعني: "لا صلح بيني فاعلموه ... إلى آخره" ونسبهما إلى أبي عامر جد العباس بن مرداس كما ذكرنا (?)، قوله: "بالشاهق" وهو الجبل المرتفع، والباء تصلح أن تكون ظرفًا بمعنى في، وتصلح أن تكون بمعنى على؛ كما في قوله تعالى: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] أي: على قنطار.

وأصل هذا الشعر أن النعمان بن المنذر بعث جيشًا إلى بني سليم فهزمته بنو سليم فمر الجيش على غطفان فاستجاشوا؛ أي: طلبوا الجيش علي بني سليم بالرحم التي كانت بينهم، فقال الشاعر وهو من بني سليم الشعر المذكور، يقول: لا نسب ولا قرابة [اليوم] (?) بيننا، وقد تفاقم الأمر بحيث لا يرجى خلاصه، فهو كالخرق الواسع في الثوب لا يقبل رقع الراقع أو كفتق واسع لا يقدر أحد أن يرتقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015