يُوشِكُ مَنْ فَرّ مِنْ مَنِيَّته ... في بَعْضِ غِرَّاتهِ يُوَافِقُهَا
أقول: قائله هو أمية بن أبي الصلت الثقفي، شاعر جاهلي، وقال صاعدٌ (?): هو لرجل خارجي قتله الحجاج، والأول أصح، وهو من قصيدة هائية وأولها هو قوله (?):
1 - اقتربَ الوعْدُ والقلوبُ إلى اللهو ... وحبُّ الحياةِ سَائِقُها
2 - باتَتْ هُمُومِي تَسْري طَوارقُها ... أكفُّ عيني والدمْعُ سَابِقُها
3 - ما رغبةُ النَّفْسِ في الحياةِ وإنْ ... عاشتْ طويلًا فالموتُ لاحقُها
4 - قَدْ أُنْبئْتُ أَنَّها تَعُودُ كما كان ... بَرِيًّا بالأمسِ خَالِقُها
5 - وَأَن مَا جَمَعتْ وأَعجبَها ... من عَيشِها مَرةً مُفَارِقُها
6 - يوشك من فر .......... ... ..................... إلى آخره
7 - مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبطَةً يَمُت هرمًا ... الموتُ كأسٌ والمرءُ ذَائِقُها
وهي من المنسرح، وأصله في الدائرة: مستفعلن مفعولات مرتين (?).
6 - قوله: "يوشك من فر" المعنى: من يفر من منيته -أي: موته في الحرب يوشك أن يقع فيها بسبيل الغفلة، و"الغرات" بكسر الغين المعجمة؛ جمع غرة وهي الغفلة.
7 - قوله: "عبطة" بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح الطاء المهملة؛ وهو أن يموت شابًّا قويًّا طريًّا، و"العبيط": الدم الطري، وانتصاب عبطة وهرمًا حالًا من فاعلي الشرط والجزاء، وهما من الأحوال اللازمة، قوله: "ذائقها" أي: ذائق الكأس، وهذا دليل على أن الكأس مؤنث وأنها تطلق على نفس الشيء المشروب، وإنما هي في الأصل اسم للظرف