الثالث: أن الشرط والجزاء هنا حكاية الحال، ولا يواد به الاستقبال في المعنى؛ فلذلك وقعت "لم" في جواب الشرط (?).
قوله: "إذ": للظرف بمعنى حين مضاف إلى الجملة التي بعده، والعامل فيه: "أعجلهم" أي؛ [لا] (?) أسبقهم في ذلك الوقت، وهذا يؤيد ما ذكرنا من حكاية الحال؛ إذ لو أريد به المستقبل لكانت "إذا" لا "إذ"، قوله: "أجشع القوم": كلام إضافي مبتدأ، وقوله: "أعجل": خبره، وموضع الجملة جر بالإضافة، والتقدير: أعجلهم، أو أعجل من غيره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لم أكن بأعجلهم"؛ حيث دخلت الباء في خبر كان المنفية (?).
دَعَانِي أَخِي وَالخَيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... فَلَمَّا دَعَانِي لَمْ يَجِدْنِي بِقُعْدُدِ
أقول: قائله هو دريد بن الصمة بن معاوية بن الحرث بن جداعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن الفارس المشهور، والشاعر المذكور أحضره مالك بن عوف النصري يوم حنين معه فقتل كافرًا، والبيت المذكور من قصيدة دالية أولها هو قوله:
1 - أَرَثَّ جَدِيدُ الحَبْلِ منْ آل مَعْبَدٍ ... بعَافِيةِ وأَخْلَفَتْ كُلَّ مَوْعِدٍ
2 - وبَاتَتْ ولمْ أَحْمِلْ إليك نوالها ... ولمْ تَرْجُ فِينَا درة اليومِ أو غد
3 - وكل تباريح المحب لقيته ... سوى أنني لم ألق حتفي بمرصد
4 - فقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِألْفَيْ مُدَجَّجِ ... سَرَاتُهُمُ في الفارِسِي المُسَرَّدِ